الأحد، 13 ديسمبر 2015

حوار مع الشاعرة العراقية رفيف الفارس

الشاعرة رفيف الفارس من الشواعر المتميزات , امتطت صحوة الحروف وامتشقت الشعر وانطلقت بقصائدها تسابق الريح حتى لمح نجمها في سماء الغربة كما لمع في سماء وطنها العراق . تخطت الصعب في الزمن الشعري , تمتلك القوة في الرأي وارادة المفردة في ابياتها ولديها القدرة الفائقة بالتعبير الوجداني , تمتزج قصائدها بروح شاعرية تجمع بين الصعوبة والسلاسة مرسالة عاشق ملهم تصل الى القلوب دون استئذان وتمنح النفس الهدوء والسكينة , ومن حسن حظنا كان لنا معها هذا الحوار الهادئ كهدوء احساسها المرهف:

حاورتها : سهير الوندي





س1 - متى بدأت كشاعرة ... وكيف كانت البداية مع عالم الشعر ؟.

العلم يقول ان البراكين تتفجر حالما تصادف الحمم في باطن الأرض قشرة متصدعة .. فربما كانت هناك بداية لامست تصدع الروح.. لكني لا اذكر يوما لم اكتب فيه بيتا او مفردة تنمو لتكون نصا طال او قصر.. لا اذكر البداية مثلما لا اذكر يوم تعلمت المشي او النطق .. ففي حلقة الحياة لا نتذكر بدايات احلامنا .. وكل يوم هو بداية جديدة لحلم او فكرة ..


س2 - أشعارك تتميز بالمفردة البسيطة والتي تصل الى القلب بسلاسة ، فبرأيك لماذا يلجأ بعض الشعراء الى المفردات المعقدة ؟.

لكل شاعر او كاتب اسلوبه الذي يميزه او يجيد التعبير من خلاله عما يعتمل في نفسه من احاسيس , ربما المفردة المعقدة تخدم فكرة النص وبالتالي لا تكون معقدة بقدر ما تكون عميقة . احيانا ايضا البساطة المفرطة في استعمال المفردات لا ترقتي بالنص الشعري الى مرتبة قصيدة النثر مما يحبس النص في خانة الخاطرة . لكن .. النص الصادق يصل الى المتلقي ببساطة حتى وان كانت مفرداته معقدة.


س 3- من هو الشاعر الحقيقي برأيك ؟.

كيف يمكننا ان نجزم بمطلق الحقيقة الشعرية .. فالشعر حالة وجدانية يُعبر عنها بقوالب مختلفة وفق اسلوب وثقافة ومعرفة واحساس كل شاعر . والمتلقي في النهاية هو الغربال لحقيقة التعبير عن إحساس الشاعر زهذا المتلقي ايضا يحكمه ظرف اللحظة القرائية .. هل تتلمسين معي سيدتي , مدى التعقيد والاشكالية الفلسفية هنا فكل شيء نسبي . رغم هذا قد لا أجانب الواقع حين أقول ان الشاعر الحقيقي هو الذي حين نقرأ كلماته نشعر اننا نحن من كتبها وانها تعبر عنا.

س4 - الشعر موهبة ، وقد قال عنك احد النقّاد بأنكِ شاعرة بالفطرة ، فما قولكِ أنتِ ؟ .

ان اكون شاعرة بالفطرة فهذه نعمة من نعم الطبيعة , والرأي الأول والأخير للمتلقي فلا يمكن ان يفرض على المتلقي أي رأي سواء كان سلبيا ام إيجابيا .. وبالتالي لا يكون لي رأي في هذا الامر . لكن .. دعيني  اخبرك سيدتي ,همسا بيني وبينك ,اني أرى الأشياء شعرا ..


س5 - أذا هاجمك أحد النقاد هل تتقبلين نقده أم تستائين ؟.

ان كلمتي هجوم وناقد لا تتفقان .. فكيف يكون ناقدا ويهاجم , والناقد هو الاب الروحي للعملية الإبداعية .. وقد قلت في اكثر من مناسبة ان مهمة الناقد صعبة عسيرة في رسم الخارطة الثقافية لمرحلة ما في مكان ما وعليه ووفق هذه المسؤولية التاريخية يجب ان يكون موضوعيا , صابرا , لا تتقاذفه الاهواء بين عاطفته نحو النص او الشاعر وبين موضوعيته واحساس التقصي والبحث لسبر غور النص ( هذا طبعا في حال استحقاق النص للنقد )  . فالناقد الذي يشير ويحلل النص سأرحب به مهما كان نوع التحليل, على ان يكون موضوعيا ووفق دراية بأبعاد النص النفسية والزمكانية. فلست افترض ان كل ما اكتب سينال الاعجاب وعليه انا على استعداد تام وبرحابة صدر وابتسامة عريضة لما تجود به قريحة النقاد سلبا كان ام ايجابا .. فهذا واجب الناقد الحق وعلينا ان نحترمه بما اننا طرحنا انفسنا على الساحة الإبداعية .

س6 - هل أنت راضية عما قدمت من عطاء ؟.

راضية الى الحد الذي يجعلني اطمح للمزيد .. هو ليس عمل اؤديه وينتهي اوانه انما هو شيء متجدد طالما الحياة مستمرة .. ربما ارضى اليوم واصحو غدا لأقول.. لا, لم اقدم شيء يذكر الى الان .. وهذه قناعتي .فلم اقل الى الان كلمتي التي اريد.


س7 - لمست منك روح التواضع ، فما رأيك بغرور بعض الشعراء والشاعرات ؟ .

المرآة التي نطيل النظر اليها اما ان تكون صلدة نقية ترينا حقيقة انفسنا او ان تكون هشة تتصدع من اول هزة فتشوهنا ..


س8 - هل اشتركت في مهرجانات ، كيف تقيمينها ؟ .

نظرا لحالة الاغتراب التي فرضت علي بطريقة او اخرى فمشاركتي في المهرجانات قليلة بل محدودة . شاركت في المهرجان الختامي لبغداد عاصمة الثقافة وكانت دعوة من وزارة الثقافة والاعلام للشواعر الفائزات بجائزة نازك الملائكة لقصيدة النثر وباقي الأنماط الأدبية , اما عن بقية المهرجانات فمشاركتي فيها من خلال ارسال النصوص كما حصل في سنتين متتاليتين في مهرجان المربد الذي اقيم في البصرة. من هذه التجربة التي وان كانت محدودة الا ان انطباعاتها متكررة , فقد لمست حسن النية في الانجاز وحسن النية وحدة لا يُنجح مهرجانا لا بد من المركزية في القرار وحسن التنظيم الذي تفتقر له بعض جوانب المهرجان كما ان هناك حالة متكررة وهي الكم على حساب النوع والتميز بالإضافة الى الاسراف المبالغ به نظرا لنتيجة محدودة الابعاد .. باختصار شديد نتمنى ان نشهد مهرجانا ذو قيمة ثقافية وادبية واضافة نوعية نخرج منه بنتيجة ان اقامة المهرجان هو لعكس الصورة الاصيلة للعمل الإبداعي وليس مجرد بهرجة إعلامية خالية من المضمون.


س 9- هل يمكن اعتبار الشعر مصدرا للرزق ؟ .

كان في الزمن القديم مصدرا للرزق على صعوبة تحصيل الرزق من خلاله فأما ان يكون عبقريا لا يجارى او مادحا للتقرب من مصادر الرزق والعطاء. ومن الزمن القديم الى هذا الزمن لم يتغير الامر كثيرا..



س 10- هل انصفك اتحاد الأدباء والكتّاب ؟

مرةً سألني احد اساتذتي الكبار " لماذا يارفيف لم نستضفك في اتحاد الادباء ؟؟" فقلت له اجبني انت سيدي لماذا؟؟

إشكالية اتحاد الادباء مبهمة بالنسبة لي , ما هي المعايير التي يحظى اديب ما بعضوية وانصاف اتحاد الادباء , ولا يخفى على القاصي والداني ان نشر كتابين مطبوعين ليس بالضرورة هو ما يحدد اهمية او امتياز الاديب في زمنٍ اصبح من السهل على اي كان وبملغ زهيد جدا ان يطبع 5 كتب في العام الواحد دون ان تكون تلك الكتب اضافة . فللامانة انا لم اطبع اي كتاب لحد الان رغم ان لي مجموعتين شعريتين منجزتين واعمل على كتاب نقدي للشاعر الكبير يحيى السماوي بالاضافة الى عملي على كتاب بحثي حول قصيدة النثر . و لازلت اتمنى ان يعاد النظر في معيارية عضوية اتحاد الادباء.


س11- هل تشعرين بالغبن ؟

كلا , فرصيدي يزداد في قلوب قرائي وهذا اهم لدي من كل الامتيازات المادية او الاعلامية. انشر بأستمرار ومنذ سنوات في الصحف العراقية مما ساعد كثيرا في مراقبتي لخط سيري من خلال ردود الفعل لدى القراء والمتلقين.


س12 - كيف تريين شعراء وشاعرات اليوم. وخصوصا الكم الهائل منهم على مواقع التواصل الاجتماعي ؟.

لا انكر على الاخرين صفات يرونها في انفسهم ومنها صفة شاعر .. لكن لايمكن اعتبار كل ما ينشر او يكتب هو شعر . هذه إشكالية سبق ان اثرتها في حوار الاعلامي السوري الند اسماعيل معي حين سألني عن قصيدة النثر  .. فقد كان من ضمن ما ذكرت ان قصيدة النثر التي يتمترس خارج اسوارها الكم الهائل من الكتاب لا يمكن ان تكون من السهولة لتعتبر ساحة لنثر الخواطر.. فلا ضير ان يعد ما ينشره الكاتب هو خاطرة ادبية فلا انتقاص من هذا النمط الادبي ففيه من الثراء الصوري ما يكفي لان يكون ابداعيا , لكن لا يمكن اعتباره قصيدة نثر فلقصيدة النثر سمات مختلفة .


س13 - لمن تقرأين من الشعراء؟.

ليكن السؤال بعد اذنك سيدتي : لمن تقرأين ؟

اقرأ كثيرا وليس الشعر فقط بل كل شيء , لكن العبرة ليست في كثرة القراءة انما في التغلغل الى روح النص الادبي او المعرفي التعايش معه تبني ايجابياته .. الاحساس بألم الابداع وولادة الفكرة . لا احب ان اثقل نظر القارئ هنا بأستعراض الاسماء التي ربما يعرفها اكثر مني .. كل ما اريد ان اقوله هو ان القراءة ليست تتبع كلمات ومجلدات نملأ بها رفوف المكتبات بقدر ما هي استلهام لتجارب حيوات الاخرين وبالتالي الاستفادة منها.


س 14- من وجهة نظر الآخرين النثر هو للتأمل ، فماذا تقول رفيف الفارس ؟ .

النثر هو للتأمل!! المقصود هنا قصيدة النثر ؟ والتي اسعى الى ان تكون تسميتها بالشعر الحر فقصيدة التفعيلة تحكمها ضوابط بحور الشعر والقافية والوزن الشعري وان كان على تفعيلة واحدة فهذا يسلب منها صفة الحرية .. على العكس من قصيدة النثر التي لا تحكمها هذه الضوابط مما يجعلها اصعب واشد مراسا فقصيدة النثر هي التي يجب ان يطلق عليها الشعر الحر .. حرة مندفعة جامحة يصعب ترويضها يسهل عليها الافلات من بين يدي الشاعر اذا فقد الفكرة واستسهل المعاني الصادمة والتي برمتها تفقد المعنى وتفقد الموسيقى الداخلية والضمنية للنص . فلا يمكن ان تكون سرد كلمات قوية الوقع دون فكرة تلملم اجزاء النص.

اجل تدعو الى التأمل كما هو الحال في كل عمل ابداعي فهو يدعو الى التأمل وقراءة الواقع المعتاد برؤية مختلفة  عميقة ونابضة بالموراء.

  


س 15- ماذا يمثل لك الرجل ؟ .

في كلمتي التي القيتها بمناسبة عيد المرأة وفي ملتقى النور الذي اقيم في بغداد بالمناسبة " لا يمكن ان تحيا المرأة بدون الرجل كما لا يمكن للرجل ان يكون بدون المرأة انها قوانين الطبيعة فلا مجتمع بدون ركنيه والحياة ليست حربا بينهما بل هي بستان يسقيانه بمحبتهما"

اما انا فلا يمثل لي الرجل الا ..

  

 قلبه الذي يضم احلامي

وشيء من ذاكرته

واضمامة عينيه لضوء الفجر

وابتسامته حين يتذكر مشاكستي ..

وانفاسه تتغلغلُ براكينا في خصلات الليل

ودفئ عينيه وسور بستانه

وفقط ...


س 16- بعيدا عن الشعر كيف تقضين أوقات فراغك؟ .

هل لي اوقات فراغ؟؟؟ ههههههه كل وقتي في العمل ما بين موقع النور وهو الموقع الرسمي لمؤسسة النور للثقافة والاعلام ومتابعة شؤون الكتاب مع زملائي الرائعين في هيئة التحرير وبين العمل على مجلة النور الورقية التي تصدر في السويد وهي من اصدارات المؤسسة وبين التصميم وبين الادارة الفنية لدار ضفاف للنشر والتوزيع وبين والكتابة والقراءة والتواصل مع الاصدقاء بشكل متقطع واعرف اني مقصرة معهم وانا اعتذر .. استمع كثيرا الى الموسيقى واتابع احداث العالم ووجع العراق المزمن في نبضنا والذي يسلب كل فرحة بترقب امل لابد ان يأتي يوما .


س 17- كلمة أخيرة للقراء .

اشكرك من القلب سيدتي الرائعة على استضافتك .. وأتمنى اني لم اكن ضيفا ثقيلا انظار واسماع القراء


نُشر الحوار في موقع النور في 19/02/2015

0 التعليقات:

إرسال تعليق