شفيق المهدي في كفة ميزان

رفيف الفارس

 

لا اسهل من ان نوجه اصبع اتهام وان نجد مسوغا للظلم , لا اسهل من ان نهدم, لان الهدم اسهل بكثير من البناء والاخير يحتاج صبرا واخلاصا وتضحية ونكران ذات .

لكن قبل ان نتهم , تحتم علينا امانتنا الانسانية والوطنية ان نعرف من نتهم ولماذا ؟

شفيق المهدي ذلك الانسان الفنان الذي نذر حياته للفن المسرحي بكل ابعاده الانسانية والذي طبق جل نظرياته واقعا ملموسا في حياة المسرح العراقي والعربي على مدى سنوات . ذلك الانسان المربي الاب الذي أأتمنته الثقافة العراقية على تنشئة وتنمية فكر الطفل العراقي فنيا وادبيا ولعدة سنوات من خلال عمله الدئوب والنادر في ادارة وتحرير مجلة من اهم التوثيقات الانسانية على مدى اجيال وهي مجلتي المزمار ومجلتي . ذلك الانسان الذي درس وعاصر وبنى وطبق نظريات فن المسرح الحديث برمزيته الانسانية وموضوعاته الاجتماعية الفريدة والراقية والتي من اهم اهدافها اغناء وتحرير الفكر الانساني لتقبل الجمال على اختلاف انتماءاته .

قبل ان ننصب مشانقنا لمثل هذا المبدع علينا ان نسأل انفسنا سؤلا مهما :

هل كان العرض الذي اثار كل هذه الضجة حقا عرضا فاضحا من النظرة الانسانية والوجدانية والفكرية ؟
ام انه اسقاط رمزي لما يعانيه الانسان من شور دوني في ظل الظرف المعقد للحياة المعاصرة واختلال توازن القوى والرمز والمثل الاعلى ؟
هل ما جرى على قاعة المسرح من عمل فني محدود ,اكثر مما يجري في واقع الدول العربية والاسلامية من استهانة واهانة للانسان ولحرمة كيانه ؟؟
والسؤال الاكثر اهمية لماذا ولماذا ولماذا ينحى الانسان الوطني المثقف الحقيقي الواعي والذي يمكن ان يقدم شيء مهما للوطن ؟
كيف لا نحكم التفكير الموضوعي في تحليل ابعاد اي موقف مهما كان ونجد دائما مسوغا للنقد الهادم ونترك التفكير في مصلحة الوطن فكريا وانسانيا واجتماعيا.
لنقارن هنا بعملية حسابية بسيطة تضع الامر في كفة ميزان :
بين عرض بمدة محدودة على قاعة مسرح وان كان في ثوانيه الاخيرة لا يلائم قيمة من القيم الاجتماعية . الا انه يبقى محدود التأثير . وبين تكبيل يد وفكر انسان من الممكن ان ينهض ويطور ويقدم الكثير للواقع الفني المسرحي والسنمائي العراقي على مدى السنوات القادمة من عمر هذه المرحلة الحرجة والمهمة من تاريخ العراق والتي تحتاج بكل ذراتها البنيوية الى وضع الرجل المناسب فكرا وثقافة في المكان المناسب.
 وبهذه المقارنة البسيطة لنرى بهدوء وموضوعية كفة اية حالة هي الارجح؟

انها مناشدة حقيقية هنا لاعادة النظر بهذا قرار من شانه ان يعيد حركة المسرح العراقي والذي هو من اهم الانعطافات الفكرية في مسارح العالم لفرادته في الطرح والمضمون , من شان هذا القرار ان يعيق تطور هذه الحركة الثقافية وهذا اخر ما نريده في هذه المرحلة وهو الرجوع عن خطوات التقدم.